رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ
ومن أخلاقهم رضي الله تعالى عنهم
شدة تدقيقهم في التقوى وعدم دعوى أحد منهم أنه مُتَّقٍ ، فإن الحق تبارك وتعالى ربما أحصى على العبد مثاقيل الذرِّ
وهذا خلق غريب في هذا الزمان ، بل غالب الناس يدعي التقوى من غير مناقشة لنفسه ، ويقنعُ بذكره لله تعالى صباحا ومساء مثلا ، ولا يناقش نفسه في قول ولا فعل ولا مطعم ولا مشرب ولا ملبس ، بل هو كالتمساح الهائم على الحرام ، فصورة عمامته وعَذَبته صورةُ شيخ ، وأقواله وأفعاله على صورة الفسقة والمنافقين
وكان عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى يقول : لا يبلغ أحد مقام التقوى حتى لا يكون له فعل ولا قول يفتضح به في الدنيا والآخرة ، وقد قال له رجل مرة : متى يبلغ العبد سَنَام التقوى ؟ ، فقال : إذا وضع جميع ما في قلبه من الخواطر في طبق وطاف
به في السوق لم يستح من شيء فيه
وكان وهب بن منبه رحمه الله تعالى يقول : الإيمان عريان ولباسه التقوى
وكان أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه يقول : لا يقلُّ عملٌ مع تقوى ؛ لأنه مقبول ؟ قال تعالى ) :( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ))
وكان عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى يقول : ليس التقوى في صيام النهار وقيام الليل مع التخليط فيما بين ذلك ، وإنما التقوى ترك ما حرم الله تعالى وأداء ما افترض الله ، فمن زاد بعد ذلك فهو خير إلى خير
وكان رحمه الله تعالى كثيرا ما يقول : علامة المتقي أن يلجم عن الكلام ، كما يلجم المحرم حال إحرامه ، ويحتاج المتقي أن يكون عالما بالشريعة كلها ، وإلاَّ خرج عن التقوى من حيث لا يشعر
وكان أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه يقول : من كمال التقوى أن يخاف العبد من ربه في مثقال ذرة
وقد سئل أبو هريرة رضي الله عنه عن التقوى فقال : هي طريق الشوك يحتاج الماشي فيها إلى صبر شديد . وكان سفيان الثوري رضي الله عنه يقول : أدركنا الناس ؛ وهم يحبون من قال لأحدهم : اتق الله تعالى ، وقد صاروا اليوم يتكدَّرون من ذلك
وقد قال رجل لعمر بن عبد العزيز : اتَّقِ الله يا عمر ، فخرَّ مغشياً عليه من هيبة الله تعالى
وقال رجل للفضيل بن عياض رحمه الله تعالى : أيّ البلادِ تحبّ لي أن أقيم فيه ؟ ، فقال له : ليس بينك وبين بلد نسب بل خير البلاد ما حملك على التقوى
وكان سفيان الثوري رحمه الله تعالى يقول : لو اتقى أحد منا ربه ما هنأه عيشٌ ، ولا أخذه نوم
ففتش يا أخي ؟ نفسك هل اتقيت الله تعالى كتقوى هؤلاء السلف أم قصرت
عنهم ، واستغفر ربك ،
والحمد لله رب العالمين